الشركات العائلية في السعودية ليست مؤسسات تجارية فحسب، بل تعد مجموعة من النجاحات التي تنتقل بين الأجيال لتقديم نموذج رائع للاستدامة والنمو في بيئة أعمال متغيرة، هذه الشركات تواصل بناء إرثها العريق من خلال التمسك بالقيم العائلية مع الحفاظ على الريادة في الأسواق، والمساهمة بشكل رئيسي في تعزيز الاقتصاد الوطني وتقديم فرص عمل متنوعة.
ما هي الشركات العائلية؟
هي نوع من الشركات التي يمتلكها ويديرها أفراد من نفس العائلة، وعادةً ما تنتقل الإدارة والملكية عبر الأجيال، تتميز هذه الشركات بارتباطها الوثيق بالقيم العائلية، وغالبًا ما تكون مشروعاتها نابعة من رؤية طويلة الأمد تهدف إلى الاستدامة واستمرارية النجاح.
في هذه الشركات يكون للعائلة دور رئيسي في اتخاذ القرارات الإستراتيجية وإدارة العمليات اليومية، حيث تعتمد على العلاقات الشخصية، ورغم التحديات التي تواجهه فإن الكثير منها ينجح في الحفاظ على استمراريته وتوسيع نشاطه بمرور الوقت.
لا يفوتك// نظام الشركات السعودي الجديد وتوجهات رؤية 2030

مميزات الشركات العائلية
- يعتمد نظام الشركات العائلية على قيم ومبادئ العائلة التي تتسم بالاستمرارية
- تركز على استدامة العمل للأجيال القادمة، وليس فقط على الربح الفوري.
- جود الثقة بين أفراد العائلة يسهم في استقرار الشركة وتعزيز العلاقات الداخلية.
خصائص الشركات العائلية
تتسم الشركات العائلية بعدة خصائص فريدة تجعلها نموذج متميز ومختلف عن أنواع الشركات الأخرى ، من أبرز هذه الخصائص:
الملكية والإدارة العائلية
تمتلك العائلة جزءًا كبيرًا أو كاملًا من الشركة، وتشارك بشكل مباشر في إدارتها واتخاذ القرارات، تنتقل هذه الملكية والإدارة غالبًا من جيل إلى آخر.
التركيز على الاستدامة
عادةً ما تكون لديها رؤية طويلة الأمد تهدف إلى استمرارية الشركة عبر الأجيال، بدلاً من التركيز على الأرباح السريعة، هذا يجعلها أكثر استقراراً في بعض الأحيان.
الثقة والعلاقات الشخصية
تخلق الروابط العائلية القوية مستوى عالي من الثقة والالتزام بين الأعضاء، مما يساعد على تعزيز بيئة عمل متماسكة ومستقرة.
المرونة في اتخاذ القرارات
تتخذ القرارات داخل إطار العائلة، تكون الشركات العائلية أكثر مرونة وأسرع في اتخاذ القرارات دون الحاجة إلى إجراءات بيروقراطية معقدة.
القيم العائلية
تعتمد الشركات العائلية على قيم ومبادئ خاصة بالعائلة، مثل الولاء، الأمانة، والاجتهاد، هذه القيم تؤثر بشكل كبير على الطريقة التي تدار بها الشركة وتعاملها مع العملاء والموظفين.
التحديات في الانتقال بين الأجيال
تواجه هذا النوع من الشركات تحديات في انتقال الإدارة والملكية من جيل إلى جيل، يؤدي هذا إلى صراعات عائلية أو تراجع الأداء إذا لم يتم التخطيط له بشكل جيد.
الاندماج بين الحياة الشخصية والعمل
مع تداخل كبير بين الحياة الشخصية والعائلية وبين العمل، مما يؤدي أحيانًا إلى صعوبة في الفصل بين الأمور الشخصية والعملية.
الالتزام الاجتماعي
لأن هذه الشركات ترتبط غالباً بالمجتمع الذي نشأت فيه، فإنها تميل إلى الاهتمام بالمسؤولية الاجتماعية والمساهمة في تطوير المجتمع المحلي.
أهداف الشركة العائلية في السعودية
تسعى الشركات العائلية في السعودية إلى تحقيق مجموعة من الأهداف التي تجمع بين الطموحات التجارية والرؤية العائلية، مع الرغبة في تحقيق نجاح مستدام يجمع بين الحفاظ على الإرث العائلي والتطلع نحو مستقبل اقتصادي مزدهر، من أبرز هذه الأهداف:
- ضمان استمرارية العمل على مدار الأجيال، مع سعي العائلات إلى نقل إرثها وثروتها وخبراتها من جيل إلى آخر مع الحفاظ على نجاح الشركة.
- التوسع في الأسواق المحلية والدولية، تحقيق النمو المستدام من خلال استكشاف فرص جديدة والاستثمار في قطاعات متنوعة.
- اعتمادها على التراث والقيم العائلية، الشركات العائلية تهدف إلى الابتكار وتطوير منتجات وخدمات جديدة لمواكبة التغيرات في السوق والتكنولوجيا.
- الحفاظ على استقرار مالي قوي يعد من أهم أهداف الشركات العائلية، تحقيق أرباح مستدامة وإدارة المخاطر بحكمة لضمان نجاح طويل الأمد.
- تعمل على تعزيز قيمها ومبادئها في جميع جوانب العمل، هي قيم محورية تسهم في توجيه إدارة الشركة وتعاملها مع الموظفين والعملاء.
- تعزيز مسؤوليتها الاجتماعية والمساهمة في تطوير المجتمع السعودي من خلال دعم المشاريع الاجتماعية، الخيرية، والتعليمية.
- خلق فرص عمل وتطوير المهارات داخل العائلة وخارجها، بناء فرق عمل قوية قادرة على قيادة الشركة نحو النجاح في المستقبل.
- التخطيط الدقيق لانتقال القيادة من جيل إلى آخر بسلاسة، مما يضمن استمرارية العمل دون حدوث صراعات داخلية أو تراجع في الأداء.
- بناء شراكات دولية لتوسيع نطاق أعمالها والاستفادة من الخبرات والفرص العالمية.
أشهر الشركات العائلية في السعودية
تقدم الشركات العائلية الشهيرة في المملكة دورًا كبيرًا في دعم الاقتصاد الوطني والنمو الدائم على مر السنين، من أهمها:
مجموعة بن لادن السعودية
تأسست في عام 1931، وتعتبر واحدة من أكبر الشركات في المملكة، حيث تعمل في مجالات الإنشاءات والبنية التحتية، ساهمت في تنفيذ العديد من المشاريع الضخمة مثل توسعة الحرمين الشريفين.
مجموعة المهيدب
تعمل في عدة قطاعات مثل الأغذية، العقارات، والمقاولات، وتعد مجموعة من الشركات العائلية المؤثرة في الاقتصاد السعودي ولها شراكات محلية ودولية.
مجموعة العليان
تأسست عام 1947 على يد سليمان العليان، وتتنوع أنشطتها في مجالات البتروكيماويات، الأغذية، التصنيع، والتمويل، تُعد من أكثر الشركات العائلية تأثيراً في المملكة ولها استثمارات كبيرة داخل وخارج السعودية.
مجموعة الزامل
تعمل في مجالات متنوعة مثل التكييف، الحديد، الطاقة، والخدمات الصناعية، المجموعة معروفة بقدرتها على التوسع المستمر وتقديم حلول مبتكرة.
مجموعة الراجحي
واحدة من أكبر المجموعات المصرفية والاستثمارية في المملكة، حيث بدأت في مجال التمويل الإسلامي وتوسعت إلى قطاعات أخرى مثل الزراعة، الصناعة، والعقارات.
مجموعة عبد اللطيف جميل
بدأت في توزيع السيارات تويوتا، لكنها توسعت لتشمل مجالات أخرى مثل الطاقة، العقارات، والتمويل، عبد اللطيف جميل يعتبر من أكبر الشركات العائلية في الشرق الأوسط.
شركة الجفالي
من الشركات العائلية الرائدة التي تقدم دور رئيسي في تطوير قطاع الصناعة والخدمات في المملكة، حيث تعمل في مجالات السيارات، التكنولوجيا، والبنية التحتية.
يهمك أيضًا// أبرز مزايا نظام الشركات الجديد في السعودية

التحديات التي تواجه الشركات العائلية في النظام السعودي
تواجه الشركات العائلية في السعودية عدة تحديات، تؤثر على استدامتها واستمرارية نجاحها، بعض هذه التحديات تأتي من طبيعة العمل العائلي، بينما ترتبط تحديات أخرى بالتغيرات الاقتصادية والتنظيمية في البلاد، إليك أبرز التحديات التي تواجهها في النظام السعودي:
- أكبر التحديات التي تواجهها هو الانتقال السلس للإدارة والملكية بين الأجيال، يؤدي هذا إلى عدم وجود تخطيط جيد لخلافة القيادة إلى خلافات داخلية أو تراجع أداء الشركة.
- وجود أفراد من العائلة في الإدارة، يخلق توترات أو صراعات شخصية تؤثر على القرارات التجارية، هذه الصراعات تؤدي إلى تدهور العلاقة بين الأعضاء وتقويض نجاح الشركة.
- افتقارها هيكلة واضحة الحوكمة الشركة، يؤدي ذلك إلى اتخاذ قرارات غير مدروسة أو تعتمد على العلاقات الشخصية بدلاً من الكفاءة والاحتياجات التجارية.
- مواجهة صعوبات في توظيف مهنيين خارجيين أو دمج إدارات خارجية في الشركة بسبب ثقافة الاعتماد على أفراد العائلة، هذا قد يحد من فرص النمو والتوسع.
- التغيرات في الأنظمة والقوانين التجارية في السعودية، مثل ضريبة القيمة المضافة، وتحديثات قوانين الشركات، ربما تؤثر على التكيف مع البيئة القانونية الجديدة.
- تحتاج إلى الابتكار وتحديث استراتيجياتها لمواجهة التحديات الجديدة، مواكبة هذه التغيرات إذا كانت تعتمد على أساليب تقليدية في الإدارة.
- الصعوبة في الحصول على التمويل اللازم للتوسع، خاصة إذا كانت تفضل الحفاظ على الملكية العائلية بالكامل دون اللجوء إلى مستثمرين خارجيين.
- التركيز على استثمارات محددة أو قطاعات معينة يجعلها هذا عرضة لمخاطر اقتصادية كبيرة، الحاجة إلى تنويع الاستثمارات وتقليل الاعتماد على قطاعات محددة بعد تحدياً مهماً.
- بعض الشركات العائلية تجد صعوبة في تبني التكنولوجيا الجديدة، سواء بسبب عدم الاستعداد التكنولوجي أو مقاومة التغيير من الأجيال القديمة.
- التداخل بين الحياة العائلية والعمل قد يؤدي إلى تحديات في الفصل بين القرارات الشخصية والقرارات التجارية، مما يؤثر على سير العمل والاستقرار داخل الشركة.
دور الحوكمة في نجاح الشركة العائلية
الحوكمة هي أداة حيوية تضمن استدامة ونجاح الشركات العائلية، لأنها تخلق بيئة عمل أكثر تنظيمًا وكفاءة وتساعد على تخفيف تأثير التحديات المتعلقة بالإدارة العائلية، من خلال تبني مبادئ الحوكمة تستطيع مواجهة كافة التحديات المتعلقة بالتنظيم والانتقال بين الأجيال والابتكار، إليك أهم أدواره في تحقيق النجاح:
تحقيق الشفافية والمساءلة
تضمن وجود شفافية في العمليات واتخاذ القرارات، مما يعزز الثقة بين أفراد العائلة والشركاء والموظفين، هذا يقلل من النزاعات الداخلية ويضمن مساءلة واضحة لجميع الأطراف.
وضع هيكل تنظيمي واضح
وضع هيكل إداري وتنظيمي يحدد الأدوار والمسؤوليات بوضوح. يساعد ذلك في تفادي التداخل بين العمل والعلاقات العائلية ويضمن وجود فريق إدارة متخصص وكفء.
الحد من الصراعات العائلية
تسهم في تقليل النزاعات بين أفراد العائلة من خلال وضع قوانين وإجراءات واضحة لإدارة الخلافات، المساعدة في تفادي اتخاذ قرارات تعتمد على العواطف الشخصية بدلاً من المصالح التجارية.
تحسين عملية اتخاذ القرارات
تبني هذه المبادئ يؤدي إلى تحسين عملية اتخاذ القرارات داخل الشركة، من خلال التركيز على الكفاءة والتحليل الاستراتيجي بدلاً من الاعتماد على العلاقات العائلية فقط.
تخطيط انتقال القيادة بين الأجيال
يساعد في تخطيط انتقال القيادة من جيل إلى جيل بطريقة سلسة ومنظمة، يساهم ذلك في تجنب حدوث صراعات أو تأثيرات سلبية على أداء الشركة نتيجة الانتقال المفاجئ للسلطة.
تعزيز الثقة مع المستثمرين والشركاء
تعزز السمعة وتجعلها أكثر جاذبية للمستثمرين والشركاء التجاريين، حيث توفر إطاراً واضحاً للإدارة وتضمن استمرارية العمل بطريقة منظمة ومستدامة.
التنوع والكفاءة في الإدارة
تستفيد من توظيف مهنيين خارجيين يتمتعون بالكفاءة والخبرة لإدارة بعض جوانب العمل، هذا يقلل من الاعتماد الكامل على أفراد العائلة ويساعد على تحسين الأداء.
إدارة المخاطر والمرونة
تساعد في وضع خطط لإدارة المخاطر وتحديد استراتيجيات للتعامل مع التحديات الاقتصادية والتغيرات في السوق، هذا يعزز مرونة الشركة في مواجهة الأزمات.
تعزيز الابتكار والنمو
تعزيز الثقافة المؤسسية التي تشجع على التطوير المستمر وتحسين العمليات، هذا يساعد الشركة العائلية على مواكبة التغيرات والتنافس في الأسواق المتطورة.
خاتمة
أصبحت الشركات العائلية ركيزة أساسية للاقتصاد السعودي، لما تمتاز به من مرونة وتلاحم يعزز استدامتها عبر الأجيال، وعلى الرغم من التحديات التي تواجهها، فإن تطويع استراتيجيات حديثة وتبني رؤية مستقبلية قادر على الحفاظ على إرثها وتحقيق نمو مستدام يواكب تطورات العصر.
أسئلة طرحها القراء
كيف تأسس شركة عائلية؟
يجب تحديد رؤية مشتركة وأهداف واضحة للأعمال، مع وضع هيكل إداري يراعي مشاركة أفراد العائلة بناءً على المهارات والخبرات لضمان استدامة الشركة وتماسكها عبر الأجيال.
كم عدد الشركات العائلية في السعودية؟
يبلغ عدد الشركات العائلية في السعودية نحو 538 ألف منشأة، وتشكل نحو 63% من إجمالي المنشآت العاملة في المملكة، مما يجعلها ركيزة أساسية للاقتصاد السعودي.
[…] لا يفوتك// نظام الشركات العائلية في السعودية 2025 […]
[…] ظل التغيرات الاقتصادية والاستثمارية المتزايدة، تسعى الشركات السعودية لتبني استراتيجيات مبتكرة تعزز من مكانتها في الأسواق […]